'مقدمة كتاب: للمتحكمين بعقولهم',
هل يمكن فهم دور
الإعلام التلفزيوني في بلورة شخصياتنا؟ بالتأكيد نعم... موضوع طرحناه بالتفصيل في
كتابنا " للمتحكمين بعقولهم" فتعرف عليه من مقدمته
كتاب " للمتحكمين بعقولهم"
من سلسلة: " لمن سترفع القبعة؟ "
تأليف: هبة القهوه جي
" 222 صفحة"، قطع صغير "
21 * 14"
دار المعراج دمشق -
سوريا.
صدر عام 2018م بفضل الله
تعالى
مقدمة كتاب "
للمتحكمين بعقولهم"
في أواخر القرن التاسع
عشر، ظهر صندوق الفرجة، وهو صندوق له ثلاث أرجل يُحمَل على الظَّهر، مزركش برسومات
ملوَّنة بكل ألوان الطيف، وفيه من 4 إلى 10 فتحات دائرية مغطاة بزجاجة مكبِّرة
كان صاحب الصندوق يُنزِل
أعجوبته عن ظهره، ويضع مقعداً خشبياً أمامها، كمقاعد المقاهي أو المدارس، فيهرع
الصِبية إليه جماعات ووحداناً، يصطفون على المقعد متدافعين، ويحتضن كل واحد منهم
دائرة ينظر من خلالها داخل الصندوق، ويرى الصور. ومن لا يملك المبلغ
المطلوب، أو يقايض بشيء معه كحلوى أو خبز، يقف وينحني أمام أحد الفتحات ليتفرج.
يبدأ صاحب الصُّندوق
بتبديل شريط الصُّور الملوَّنة الزاهية واللمّاعة بخفَّة ورشاقة، لتظهر الصور
صورة تلوَ الأخرى أمام الناظرين، مُعلِّقاً على كل صورة لعنترة أو عبلة، أو
الزير سالم، أو الظاهر بيبرس، وغيرها من السِيَرِ الَّتي كانت حتى وقت قريب تحظى
باهتمام الناس، وغالباً ما كان صاحب الصندوق يردِّد أبياتاً طويلة من القصائد
الشعبية المرتبطة بكل قصة أثناء عرض صورها، إضافة إلى قصائد تتعلَّق بقصص
الأنبياء، والأبطال والمشاهير في التاريخ.
لكن بداية دوران الصور
من اليمين إلى اليسار، كانت تخلق مشكلة للناظرين من الفتحة الثانية وما بعدها،
فعندما يسرد صاحب الصُّندوق الرواية قائلا مثلا: " ها هو (الزناتي) امتطى
صهوة حصانه.... إلخ" كان على الناظر على الفتحة الأخيرة أن ينتظر حتى يرى
الصورة الَّتي رآها قبله ناظري الفتحات الأولى. وهنا تعلو الأصوات:" وينو يا
عمو مو شايفينو ولا شايفين حصانه".
أما الفتى المنحني،
والَّذي يصاب بحَوَل من هذه الوقفة، تسمعه يقول: " اي والله شايف اثنين (أبو
زيد) واثنين حصان، أيوه أيوه اقتله أبو زيد".
سينما متجوِّلة على
الظهر، يركض وراءها الصغار، وعالم سحري كالخيال يدهش الكبار أيضاً بعجائبه
وغرائبه.
ذلك الابتكار البسيط...
الَّذي فتح الطَّريق أمام الرؤية السينمائية المتحركة، وليدة هذا العصر. حيث
اعتبره المؤرخون أبو السينما، وشيئاً فشيء أتت رياح التطور باختراعاتها المتتالية
كالتلفاز والسينما والفيديو والبث الفضائي (الستلايت) والإنترنت والجوال. وهي أهم
وسائل الإعلام المعاصرة.
ولكن... ما الفرق بين
صندوق الفرجة (أو العجائب أو صندوق الدنيا) والإعلام المرئي الحديث؟
. كان سابقاً المتحكم
بالصُّور والقصص " صاحب الصُّندوق" يروي حكاياته بهدف الحصول على المال
أو الرزق، وبعضهم يهدف إلى زرع بعض القيم البسيطة كالشجاعة والإقدام، أو رواية قصص
التّاريخ ونقل الموروث الاجتماعي والثقافي للأجيال الصاعدة، أو بهدف نقل بعض التعاليم
الدينية من خلال قصص الأنبياء والقصص الدينية.
وكان الثَّمن الذي يدفعه
المتفرج تعريفة أو فرنك أو قرش، ومن لا يملك المال يدفع مقدار من القمح أو الشعير
أو البيض.... إلخ.
أمّا غاية امتلاك صندوق
الفرجة، فهي الحصول على عمل، أو نقل موروث مهنة من الآباء إلى الأبناء. فهو وسيلة
لكسب العيش.
وكان صاحب الصُّندوق
يتجوّل بين الأحياء، فلا يتسنى للصغار مشاهدة قصصه إلا بين الفينة والأخرى، أو في
الأعياد. ولا يستطيع الفرجة إلا من معه نقود.
وكان ما يرويه صاحب
الصندوق قصص موروثة من التُّراث الشعبي، منسجمة مع معتقدات المجتمع وأخلاقه
وعاداته، وكان الراوي يراعي ملاءمة القصص للصغار.
. أمّا وسائل الفرجة
المعاصرة، فهي منتشرة في كل مكان، ومتوفرة بين يدي كل فرد عبر جهازه المحمول أو
شاشته التلفزيونية الصغيرة في غرفته. ومتواصلة على مدى 24 ساعة، وبالمجّان.
والإعلام المعاصر مفتوح
على كل العالم، ينقل مختلف العادات والمعتقدات لجميع الناس والمجتمعات بغض النظر
عن توافق هذه الثقافة أو تعارضها مع أخلاق وقِيَم وموروث هذه المجتمعات
المتلقِّية.. ولا يوجد أي رقابة حقيقية على ما يشاهده الأطفال أو المراهقين،
فالفرجة مفتوحة للجميع.
أمّا المتحكِّم بالمادة
الإعلامية المطروحة في وسائل الإعلام العربية والعالمية، فهي أربع مؤسَّسات
إعلامية دولية والتي يديرها الوبي اليهودي، يَبُث للعالم من خلالها ما يشاء من
أفكار ومعتقدات واتجاهات، ويسيطر على عقول وقلوب ومشاعر ومعتقدات المشاهدين، ويحدد
سلوكهم وردود أفعالهم، ما يحبّون وما يكرهون، ما يأكلون وما يشربون، ما يقولون
وبماذا عليهم أنْ يفكروا أو ينشغلوا...
والثَّمن الّذي يدفعه
المتلقي مقابل هذه الفرجة، فهو مصيره، ومستقبله ونمط حياته.
أما الغاية الحقيقية
وراء امتلاك وسائل الإعلام المرئية والفرجة الحديثة اليوم فهي عولمة العالم،
التحكم بالعقول، والسيطرة على خيرات الشعوب. وهي وسيلة لبناء الإنسان أو
تدميره.
ومقابل هذا الاختلاف بين
صندوق العجائب القديم ووسائل الإعلام الحديثة، هناك ما هو مشترك بينهم، وهو
الترفيه والتسلية، والتفنُّن في شد المتفرج وإبهاره بالصورة والصوت، ليتشرَّب
كل ما يتلقاه بكل استسلام، وبسلبية مرضية، ودون أي مقاومة.
يا سادة يا كرام:
إعلامنا العربي، ليس أكثر من صندوق فرجة (أو صندوق عجب) ونحن ناظري الفتحات
الأخيرة، والمنحنيين، آخر من يعلم... هذا إذا علِمنا شيئاً من الحقيقة، أمّا ناظري
الفتحات الأولى، فهم ليسوا أحسن حالاً منّا بالعِلمِ بالشيء، ولكن لشعورهم
بالتميُّز، فإنَّهم مهللون لا أكثر.
التلفزيون وما يعرضه من
برامج ومسلسلات، وإعلانات، وفيديو كليب، وبرامج تلفزيون الواقع، مضمونها وآثارها
الإيجابية والسلبية، وكيف تؤثر علينا، وعلى أبنائنا أطفالاً ومراهقين، هي محاور
بحثنا في هذا الكتاب.
بالإضافة إلى طرح أفكار
واضحة لكيفية تجنب سلبياتها، والاستفادة من إيجابياتها باعتبارها وسيلة غنية
بالمواد المعرفية والتثقيفية، وأداة تعليمية مذهلة إذا أحسنّا استخدامها وانتقاء
المواد التي نشاهدها من خلالها.
استراتيجياتنا:
- الوعي بدور الإعلام التلفزيوني
في بلورة شخصياتنا.
- التنبُّه لمضمون ما
نشاهده.
- تعلُّم قراءة ما وراء
الصورة والسطور.
- الجدِّية في انتقاء ما
نشاهده.
- ضبط النفس، والامتناع عن
متابعة المواد التي نشك بمضمونها، مهما كانت ممتعة.
- عدم التساهل لو على
مستوى إعلان أو صورة.
شعارنا:
لن نُساوم... ولن
نَتساهل... في برمجة عقولنا... وبناء شخصياتنا...
20 - 6- 2017م.الموافق: 25 رمضان 1438 ه.
سلسلة لمن سترفع القبعة متوفرة في سورية وتركيا وجميع الدول العربية.
ويمكنك طلب كتاب " للمتحكمين بعقولهم " on line من خلال:
- صفحات
- مؤسسة سندباد التعليمية (السويد)
اقرأ أيضا:
- تعريف بكتاب: " للمتحكمين بعقولهم ".
- إهداء كتاب: " للمتحكمين بعقولهم ".
- تعريف بسلسلة: " لمن سترفع القبعة؟ ".
- مقدمة كتاب: " الشباب والزواج الاختيار وتحقيق السعادة ".